lundi 11 mars 2013

المشاعر المسمومة تنهش النفس والبدن



الشهامة والرجولة وغيرهما من الصفات الايجابية تطلق على البعض لردود أفعال معينة تصدر منهم مع مواقف بعينها, بينما يحرم منها غيرهم ممن يمرون بنفس المواقف, فما الذي يجعل البعض يحمل هذه الصفات من دون غيرها? وهل يرجع ذلك للتنشئة الاجتماعية? ام ان الموضوع يتعلق بالهرمونات.. أم ماذا?

حول التفسيرات النفسية والعلمية لمشاعر الشهامة والندالة والتكبر والخزي, وعلاقته بالهرمونات الجينية للانسان, أجرت "السياسة" هذا التحقيق:

يقول الدكتور محمد فرفور, أخصائي الطب النفسي: ترتبط الدوافع والتنشئة الاجتماعية بعلاقة نفسية مع الهرمونات في اكتساب وفرض السلوكيات والمشاعر المختلفة والمتباينة. وغالبية هذه المشاعر ترجع الى الممارسات الشخصية المرتبطة بالمحيط المجتمعي, وتعد الشهامة أحد المشاعر التي تؤثر فيها البيئة المكتسبة والسلوكيات الخارجية التي تقع على النفس, وهي من المشاعر الايجابية المكتسبة عن الآباء وتتوارث في الأعمام وأبناء الأعمام, والأمهات ويحكمها عوامل وراثية تمتد من الأمهات الى الأخوال وأبنائهم, وهي مقياس معمول به علميا في قياس الجدارة الشخصية للانسان خصوصاً في اختبارات الالتحاق بالأعمال المهمة والقيادية, لقياس مدى قيادية الشخصية وتضحيتها وتفانيها في النهوض بمنظومة العمل ككل.

وتستخدم لقياس القوامة الحقيقية للرجال في اختبارات ومقاييس فعلية للرجولة بمفهومها النفسي المتعارف عليه علميا وليس اجتماعيا, خصوصاً أن المفهوم المجتمعي للرجولة في المجتمعات العربية خطأ, حيث ينظر لصاحب الشهامة أو الرجولة على أنه من يستطيع حمل السلاح الأبيض أو الناري في الشارع وفرض سيطرته على من حوله, والتأثير على المحيطين به بالقوة والصوت العالي وليس بالحجة والمنطق والدليل, وهي كلها توارثات اجتماعية ونفسية خطأ ومتناقلة عربيا. موضحا أن الشهامة بمعناها الحقيقي هي ارجاع الحق المسلوب الى صاحبه ويكون انسانا قويا أمام نزواته ونقاط ضعفه أمام الآخرين, وتمثل القوامة الفعلية للنفس السوية الصحيحة في تصرفاتها وتفكيرها وانتمائها الاجتماعي. والقوامة النفسية التي ترتبط نفسيا وعلميا بالرجولة الحقة لم تعد موجودة بشكل فاعل الا ما ندر في العمل والمنزل والشارع, خصوصاً مع غياب وازع الضمير وتغليب مصلحة الجماعة على الفرد والغاء مبدأ الأنانية البحتة في سبيل انجاح المنظومة ككل.



الشخصية الاعتمادية



ويرى الدكتور زكريا أحمد الشربيني, أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس, أن الندالة نوع من الاضطرابات النفسية سببها اضطراب دوافع "الأنا" وتناميها داخل نفس الانسان, وهي صفة غير محمودة وغير السوية وتتواجد في شخص سيكوباتي يعيش تناقضا نفسيا وتضاربا في المشاعر يقوده الى ازدواجية في الشعور وغالبا يريد نيل حقوقه من دون أن يقوم بواجباته على مقدار المطالبة بحقوقه تجاه الآخرين, والعلم ينظر للانسان الندل على أنه خائن دائم لحقوق الآخر عليه, ومرض حي يتنقل بين بيئته ومجتمعه وتكثر تلك الصفة في الشخصية الاعتمادية التي تحب الأخذ من دون العطاء وهو انسان غير محب للعمل والبذل والعطاء ويسهل عليه بيع أهله وأقرب أقربائه من أجل مصلحته الشخصية, وبأي مقابل وهو شخص مساوم ومقايض للقيم بالمنافع من أجل مصلحة فردية. والطب النفسي ينظر للمريض بداء النذالة على أن له علاجا ومعظم المشكلات النفسية ناتجة عن الصراع الداخلي للانسان, والتي يظهر فيها دور العقل الباطن والمعركة التي تدور بينه وبين العقل الواعي من جهة, والمعركة التي تدور على مستوى العقل الواعي عند اهتزاز الشخصية من جهه أخرى, مثل عدم القدرة على اتخاذ القرار, أو عدم القدرة على التكيف مع واقع مؤلم أو الشعور بالاحباط أو بسبب احباطات تحدث له في حياته, وأيضا دور التربية منذ الصغر وكيف يتولد داخل نسبة من الناس بعض العقد النفسية والشخصيات غير السوية والتعود على أشياء خطأ وضعف الثقة بالنفس.



المشاعر المسمومة



يرى الدكتور سيد نافع, استشاري الصحة العامة وأبحاث الدم, أن معظم الدراسات العلمية تؤكد وجود علاقة مباشرة بين الصحة النفسية والجسمانية, بسبب الارتباط وثيق الصلة بين العواطف والمشاعر وطرق التعبير عنها بالجهاز المناعي للانسان وما يعانيه من خلل. وفيما يتعلق بأثر الهرمونات الجينية التي يتم افرازها, فعواطف البشر سلاح ذو حدين لديها القدرة على التأثير سلبا أو ايجابا على الصحة النفسية, والجسدية معا وفقا لنوع هذه العواطف وشدتها, فالعواطف والمشاعر المسمومة كالغضب والحزن والتوتر والقلق المزمن تجعل الانسان يقع فريسة سهلة للامراض, بينما تساعد المشاعر الايجابية كالحب والضحك والتفاؤل تساعد على الشفاء حتى من أخطر الامراض كما تؤثر مشاعر الاحباط والتشاؤم والخمول على الصحة بأشكال عديدة, ويرتبط انخفاض المزاج بانخفاض مستويات السيروتونين والدوبامين في الدم, فالاول ناقل عصبي يلعب دورا في تنظيم الحالة المزاجية تبعا للحالة الشعورية, ويسمى هرمون السعادة, وكذلك يلعب دورا في تنظيم الاحساس بالألم والمنغصات, ويمكن أن يكون انخفاضه سببا في أن 45 بالمائة من مرضى الاحباط يعانون من الآلام المختلفة, أما الثاني فهو مادة كيميائية تتفاعل في الدماغ وتؤثر على المشاعر والسلوك من ندالة وشعور بالخزي والعار أو المشاعر المختلفة, أو دوافع الشهامة وغيرها من مشاعر تتصل بالهرمونات.

ويقول: الغيرة والشهامة والاحساس بالندالة أحد أكثر المشاعر الحادة التي تسبب الألم والتوتر للنفس البشرية, وأيضا من أكثر المشاعر التي يصعب التحكم بها أو السيطرة عليها, فغيرة المرأة مثلاً تثار عادة نتيجة الشك في وجود خيانة عاطفية, بينما غيرة الرجل غالبا ما تكون عندما يشك بوجود منافس جنسي له في العلاقة العاطفية, وهي مزيج معقد من الخوف, التوتر, الغضب, وهذه المشاعر الثلاث تثير استجابة دفاعية من الانفعال القوي, وقد يعاني من يقع في قبضة الغيرة من ارتفاع ضغط الدم, ارتفاع معدل ضربات القلب, ارتفاع مستويات هرمون الادرينالين والشعور بالقلق الذي قد يورث ضعف جهاز المناعة تجاه مقاومة الأمراض المختلفة, وهو ما يثبت العلاقة المتأصلة بين المشاعر الانسانية المختلفة والهرمونات الجينية للشخص تتأثر وتتفاعل مع العوامل المحيطة والتنشئة الاجتماعية.



البيئة غالبة



ويرى الدكتور حسن ببلاوي, أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة حلوان, أن التنشئة الاجتماعية والمحيط الاجتماعي صاحب الفضل الأول في تشكيل المشاعر الصادرة عن الانسان وتفسر تصرفاته السلوكية تجاه المواقف المختلفة, والبيئة غالبة الطبع على أبنائها.مشيرا الى أن المجتمعات العربية تتاثر بشكل كبير بالعواطف والمشاعر كونها تحترم العواطف وتضع لها مكانة كبيرة بعكس المجتمعات الغربية التي لا تهتم في الغالب الا بالمادة والمحسوسات, والانسان العربي يتفاعل بالعوامل المحيطة به ويتفاعل معها وتتباين مواقفه وسلوكياته الاجتماعية تبعا لما يمر به من حوله.



النفس اللوامة



ومن جانبه, يقول الدكتور محمد سعيد رسلان أحد مشايخ الدعوة السلفية: الدين الاسلامي الحنيف دين قامت دعائمه الأولى على أساس أخلاقي قويم, كما أن الهدف الأول والأسمى من دعوة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - هو تمام ذلك البنيان الأخلاقي, وترسيخ ذلك الأساس والسمو به الى ذروة تمامه وكماله, فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق", ووصف الله تعالى نبيه الكريم بالخلق العظيم, في قوله تعالى: "وَاِنَكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ", ولقد جاء الاسلام لاسعاد الناس وصلاحهم, وليس لقهرهم واكراههم, والمسلم انسان حساس يراعي مشاعر وأحاسيس جميع البشر, فهو يتمتع بدرجة عالية من الاحساس والتأثر وهو صاحب قلبِ حي نابض, وينعكس ذلك كله على سلوكه وتصرفاته. موضحا أن الرسول الكريم قال في حديث آخر أن "الدين المعاملة" ويقصد به تعامل الانسان مع المجتمع المحيط وهو ما يبرهن على أن رسالته صلوات الله وسلامه عليه, تتفانى في خدمة النفس البشرية وجعلها خالية من العقد النفسية, وتقود الى وجود مجتمع ناصع الفكر وعالي الهمة, لا يزدوج أفراده حتى في بث مشاعرهم تجاه بعضهم بعضاً ولا يتباغضون وتكون النفس اللوامة التي تحث دوما على فعل الخير هدفهم النفسي للسمو بالدوافع والقيم والمشاعر.






hglahuv hglsl,lm jkia hgkts ,hgf]k







via منتديات دريكيمو نات DRIKIMO.NET http://www.drikimo.net/showthread.php?t=10648&goto=newpost

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire