mardi 24 décembre 2013

من انجاز الأستاذ فيصل خضر – معهد مكثر – جميع الحقوق محفوظة ®





الجمهورية التونسية - وزارة التربية

المندوبية الجهوية بسليانة: معهد مكثر


مشروع مقال فلسفي



"لقد جعلالعقل من الدولةقوة متوحشة" حلل و ناقش هذا القول.

* لحظة التمهيد:

لان مثلت الدولة في نظر الكثيرين عنوانا للاستبداد و مقبرة للحريات منذ نشأة المجتمع السياسي و اتَهمت بتشويه الإنسان من خلال سلبه ذاته , فإنَها عند البعض لا تعدو أن تكون سوى أداتا أو قناعا , يخفي وراءه "العقل" حقيقة بشعة و قوة متوحشة.

فأيَ سبيل نسلك كي نفهم علاقة المصاهرة بين العقل و الدولة ؟ و كيف حول العقل الدولة إلي قوة متوحشة ؟ ألا يتعارض ذلك مع حقيقة العقل و غاياته الفعلية , أم أن العقل في حد ذاته لا يتعدى أن يكون هو الآخر مجرَد أداة ؟

* لحظة التحليل:

قد لا نجانب الصواب إذا ما اعتبرنا " العقل " قوة مضادة للدولة , و مقاومة مستميتة لها , فالعقل في ظل حداثة العولمة و التي عولمت العقل (من خلال تطويعه و برمجته) و قولبت القيم , أضحى عقلا بلا قيمة , عقلا تجاريا رخيصا , متوحشا , حيث لم تعد من وظائفه المقاومة و الممانعة و لم تعد من مهامه النقد و الفضح و لم يعد نبراسا للحقيقة و طريقا للحرية .

فعقل الحداثة , استحال الي عقل حسابي بامتياز و امام مغريات الثروة و حب التملك و السيادة , تنهب السعادة من عيون الفقراء و أحلام الضعفاء ... إذ لم يعد العقل يحتكم إلي منطق الحكمة , بل انتصر إلي منطق التقنية حيث الجفاف الأخلاقي , الذي أزال كل الحدود الفاصلة بين الحق و الباطل , الخير و الشَر , الجميل و القبيح , لينتج قيما جديدة تتموقع في الفحش (المادي و الأخلاقي) و السيطرة و الاعتداء.

- لم يعد العقل عنوانا لإنسانية تتحسس إنسانيتها من خلال الفكر و الفعل , بل انقلب إلي "غباء" و "بغاء" , يكشف مدى انحطاطه و انزلاقه في لعبة التضَليل و الإخفاء , فالإنسانية , في ظلَ استبداد السياسة المتوحشة , الذي يعقلنه و يبرره العقل , و كما أشار إلي ذلك" نيتشه"," ظلت إلي حد اليوم مسيرة بأسوأ ما يوجد من الأيدي و محكومة من قبل الخاسرين و المحتالين , المتعطشين للانتقام و القديسين المزعومين , أولئك المفترين على حياة الإنسان".

إن التلازم وثيق بين العقل و الوحشية , فرغم أن القوة المتوحشة وردت كصفة للدولة , إلاَ أنَ هذه الصفة في الواقع هي صفة تلازم العقل , فالدولة كفكرة أو كممارسة , لا تمارس القمع و لا الترهيب , و إنما يتخفى وراءها " عقل الخاسرين و المحتالين" , ليمارس قمعه الوحشي . و هذه الممارسة الوحشية للعقل , تتعارض كليا مع المعاني التي ألفناها , و التي لطالما ارتبطت , بالتنوير و الرقي بالإنسان , ماديا من خلال التقدم العلمي و التكنولوجي, و أخلاقيا, من جهة تحرير الإنسان من كل أشكال الاستبداد و الانحطاط و التخلف , إذ يتعارض العقل من جهة الحق ( ما يجب ان يكون) مع حالة الطبيعة , كفضاء للفوضى و الاعتداء و يكون رهانه من خلال هذه المعارضة , رهانا انطولوجيا , يتعلق بحسن العيش , وفي تعارض مع الجهل( سجناء أفلاطون في أمثولة الكهف, و كيف كان العقل "الفيلسوف" مثالا للتحرر و الانعتاق) , و رهانه في ذلك المعرفة و الحكمة, كما أن العقل في تعارض مع كل أشكال الاستبداد و التسلط , التي تمارسها الأشكال الحديثة للوجود الإنساني و المتمثلة في الدولة و رهانه في ذلك رهان إيتيقي.

لكن من جهة الواقع ( ما هو كائن ) يتحول العقل إلي قوة متوحشة , تنعكس في الدولة , تهدد أركان الإنساني, ففي مجال العمل و الذي تحتكره الدولة وتنظمه , و في ظل وهم التقدم العلمي و التقني , نجد العقل قوة تكرس الاستغلال و الاغتراب , و في المجال السياسي تحول العقل إلي إيديولوجيا تبرر القمع و الهيمنة , و في المجال الرمزي ( لغوي , ديني , ثقافي ...) نلمح انزياحا للرموز عن مقاصدها و غاياتها الإنسانية , حيث لم يعد الرمز انعكاسا و تعبيرا عن القدرة العقلية , بل تحولت الرموز إلي حجب إيديولوجية , فالعقل السياسي الذي يقدم الانحطاط كفضيلة و الانسلاخ كقيمة و الغباء كعلامة إنسانية , هو نفسه العقل الذي جعل من الدولة قوة متوحشة عمياء, و وظف مؤسساتها و أجهزتها, لإشاعة الخوف عبر بشاعة العنف , الذي يتم ترويجه و تهويله عبر وسائط متعددة كالإعلام و المؤسسة الدينية و الاقتصادية. و هذا ما يؤكده "ميشال فوكو" في قوله, " السلطة لا مركز لها , تأتي من الأسفل , توجد داخل المؤسسات و تتخلل كافة العلاقات و مهما تنوعت آلياتها , فإنها تستهدف الإدانة و المحاكمة و الزجر و العزل و التنكيل و باختصار المراقبة و العقاب".

لم تعد الدولة , فاعلة , بل هي أداة الفعل , و كأنَ في ذلك تبرئة للدولة مما التصق بها من نعوت وصفات , تصور استبدادها و وحشيتها , و يتهم العقل , فالمسؤولية هي مسؤولية العقل , فالعقل هو الذي يجعل من الدولة إما جحيما أو جنة. " إذا كان للدولة الحديثة غالبا وجه بشع , فذلك عائد بقسط كبير منه , إلي أن المجتمعات , التي تعبر عن جهودها للتجمع ,تفتقد إلي العظمة و العزة".

إنَ من يقمع و يتسلط , و يعذب و يستغل , ليس إلاَ الإنسان , و ليست الدولة إلاَ تقنين و عقلنة و تنظيم لهذا القمع و الاستغلال , و بما أن الدولة "اختراع" , من وضع الإنسان , كما أكَد على ذلك "هيوم" فهو الذي يسطر و يضع غاياتها و أهدافها , فان كانت أهداف الإنسان أهدافا فاضلة , كانت الدولة كذلك , أي فاضلة , و إن كانت أهدافه متمركزة حول غايات أنانية , كانت الدولة انعكاسا للأنانية الإنسان, حيث الجشع و التعدي , و من هذا المنطلق نتبين الصورة المتوحشة "للعقل الاداتي" , الذي جعل من الدولة تعله أو قناع , يخفي مزيدا من القمع و الخوف , ففكرة "هوبز" للدولة , و التي أسس أركانها على القوة و ممارسة العنف , و الذي يبرره صاحبه بعدوانية الإنسان و أنانيته , ليست في نهاية المطاف , إلا فكرة تكشف جشعا و عدوانية , تفوق تلك التي تخيلها هوبز في حالة الطبيعة , و صوَر الإنسان في صورة متوحَشة , لتبرير وحشية الدولة , و التي ليست إلا وحشية إنسانية.

و الدولة بهذا الإخراج و هذا التجني , تعكس اكبر "عمليات التَحيَل" التي عرفتها الإنسانية , و ذلك لمزيد ابتزازها و استغلالها , حيث "نجحوا" في تحويل الجسد الإنساني إلي علامة اقتصادية ,و أداة ترويجية ( الجسد العاري في الاقتصاد الاشهاري), و قيمة ايباحية, تعكس مجتمعا ايروسيا , ينتصر انتصارا كليا لنزواته و رغباته ... و "نجحوا" في تحويل الفكر إلي " كفر" بالقيم الإنسانية الحقيقية و " نجحوا" كذلك في اختراقه و التلاعب بنرجسيته. لكن ألا نكون في اتهامنا للعقل و للدولة قد فشلنا في الكشف عن المنابع الحقيقية للوحشية , إذا ما اعتبرنا العقل و الدولة وسائل للإنسان و أدوات يطوعها حسب إرادته ؟ أليس من التجني و عدم الحكمة أن نربط العقل بالوحشية ؟



رغم هذا الوجه الموحش و المظلم للعقل , الذي كشف عنه هذا الرأي , لكن لا يعني ذلك أن نشرع لإقصاء العقل , اقصاءا كليا و نفي قيمته , في علاقته بأطر الحق و العدل و إنما يمكن أن نعتبر هذا الرأي مدخلا " لمحاكمة العقل" , و الكشف عن بعض وجوهه الزائفة التي ارتبطت بذوات أنانية , تحركها رغبات و نزوات ترتبط بالتحكم و الاستغلال و الذين يصفهم نيتشه" إنني أراهم و قد جن جنونهم , قرودا لا تسكن لهم حركة و هم يتسلقون قاعدة صنمهم البارد ( الدولة) و قد انبعث منه و منهم اكره الروائح و اخبثها ".فالعقل سيظل ميزة الإنسان , التي تحرك الإنسان نحو الحق و الحقيقة ,نحو الخير و العدالة , و مهما حاول قلة من البشر الانزياح به عن مقاصده الحقيقية , و تحويله إلي قوة مدمرة و وحشية , فلن يكون العقل إلا عنوانا لإنسانية حقيقية ,حكمتها التي تعكس توقها المتجدد نحو معانقة المطلق.

* لحظة النقد:



لإن حول العقل من الدولة فضاءا للقمع و التسلط و الاستغلال و القهر, و هذا ما مكننا من اكتشاف , الوجه السلبي للعقل السياسي, و كيف حول من الدولة لعبته المفضلة و قناعه الذي يتستر به عن خطاياه , و يعلل به عنفه و وحشيته و يبرر من خلالها تجاوزاته في حق الإنسان.

إلا إن "العقل" هو قوة رهانها تحرير الإنسان و الرقي به في شتى أبعادة ( المعرفية, الروحية, الأخلاقية, السياسية, المادية...) و هذا المعنى قد صمت عنه القول و نأى بنا عن الدلالة الحقيقة للعقل , و هو ما يعتبر ثغرة من ثغراته و حدا من حدوده , التي يتوجب الوقوف عندها , من خلال مساءلتها , فالعقلانية السياسية , كعقلانية براغماتية و التي ترتبط بنزعات الاستعلاء و الاستحواذ و التي يتصف بها بعض البشر هي التي حولت وجهة العقل السياسي من فضيلة تنشد التسامح و العدالة و المساواة إلي رذيلة تكشف عن غايات أنانية, تتمركز حول العنف و الاعتداء.



* لحظة صياغة الخاتمة:



إن رهاننا من خلال معالجة مشكل كهذا متعلق أساسا بفضح السلوكات الإنسانية الراهنة , و واقع الاستغلال الذي تمارسه فئة عن طريق الدولة على بقية الأفراد, و كذلك الكشف عن تورط العقل و تواطئه في العصر الحديث مع أجهزة وحشية , تكشف الأطماع الحقيقية "لانسانية" تخلت عن إنسانيتها.









.لست أنت إلا أنت ,لست أنت إلا ما صنعت....












lk hk[h. hgHsjh` tdwg oqv – lui] l;ev [ldu hgpr,r lpt,/m ®







via منتديات دريكيمو نات DRIKIMO.NET http://www.drikimo.net/showthread.php?t=11170&goto=newpost

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire