mardi 24 décembre 2013

من انجاز الأستاذ فيصل خضر – معهد مكثر – جميع الحقوق محفوظة ®








الجمهورية التونسية - وزارة التربية

المندوبية الجهوية بسليانة: معهد مكثر


مشروع مقال فلسفي




"نحن لا نخضع للرمز بل نخضعه " حلل و ناقش هذا القول







* لحظة الفهم


ينقسم الموضوع إلي قسم تحليلي و آخر نقدي,

القسم التحليلي:*

ينقسم بدوره إلي لحظتين , لحظة النفي ( ينفي القول سلطة الإخضاع التي تمارسها الرموز على الإنسان ) و لحظة الإثبات ( و التي نكشف من خلالها سلطة الإخضاع التي تمارسها الرموز على الإنسان ).

اللحظة الأولى: لحظة النفي و هي لحظة موجبة تنفي خضوع الإنسان للرموز و تأكد عن مدى تحكم الإنسان في الرموز. " الإنسان لا يخضع للرمز و إنما يخضعه"

- ينفي القول أن يكون الإنسان خاضعا للرموز , و بالتالي فالرموز ليست سلطة تمارس على الإنسان و تتحكم فيه و تخضعه , بما تعنيه السلطة من إكراه و نفوذ و تخارج , تكشف عن تبعية الإنسان لها, لكنها سلطة للإنسان من خلالها تحرر من خضوعه للطبيعة

و كسر قيود عجزه و جهله " فالوسيط يسمح للعقل بان يصبح قوة " على حد عبارة دوبراي و من هنا نتبين العلاقة الخلاقة بين الإنسان و الرمز .

- الرمز هو الذي يترجم و يقول و يصور , ما يمليه عليه العقل الإنساني, إذ ليست الرموز إلا أفكار و أحاسيس تحاكي و تخبر عن ذلك العمق و الثراء الإنساني لتكون الرموز وسيلة الإنسان المثلى التي تعكس تحرره من وجوده المباشر و الحسي و تفوقه عن نزعتة الحيوانية . إذ ليست التعبيرات الرمزية ( الأسطورة , الدين , الفن , الصورة, التقنية , النمذجة ... ) إلا انتاجات رمزية إنسانية رافقت وجوده و ترجمت تجليات عبقرية العقل كقوة محررة و منتجة.

- فالأسطورة مثلا ,التي تعلن وتؤرخ لبدايات الإنسان الرمزية و محاولة منه لفهم العالم و الكشف عن العلة التي تكمن وراء الوجود و رغم التشكيك الذي واجهته من قبل التصور الوضعي الذي , يرى فيها طفولة العقل البشري , ليست إلا جهد إنساني و قدرة على الترميز تجاوز من خلالها الانسان بعض من سلطة مطلقة يمارسها الوجود الملغز على الانسان و يقتلع من خلالها درجته الإنسانية و يتميز عن غيره من الكائنات بالقدرة على الترميز " عندما تحكي الأسطورة على نحو مجازي و رمزي , كيف حدثت الواقعة و لماذا , فإنها تعطي دلالة للعالم و للوجود الإنساني" .

- على هذا النحو تكزن الأسطورة أولى محاولات الإنسان للإفلات من الخضوع , ذلك الخضوع الذي ارتبط بالجهل و الحيرة و العجز , عجز الإنسان أمام الطبيعة و ظواهرها, الذي دفع به إلي تأليهها و تنزيلها منزلة المقدس, لكن رغبة الإنسان في التحرر هي التي مكنته من خلال "التقنية" و "العلم " إلي السمو فوق هذه الظواهر و إخضاعها لإرادته.

- من خلال ما تقدم نتبين أن الرموز سلطة للإنسان لا سلطة عليه و هو ما تعكسه اللغة , كقدرة رمزية , تجعل الإنسان الكائن الوحيد المتكلم في هذا العالم, حيث حول بها الإنسان الوجود , من وجود محسوس إلي وجود ذهني متمثل, من وجود مباشر وجود شيئي إلي وجود رمزي , يقول كاسيرير " ما دام الإنسان قد خرج من العالم المادي الصرف فانه يعيش في عالم رمزي , و ما اللغة

و ما الأسطورة و الفن و الدين إلا أجزاء من هذا العالم". فمن خلال هذه الصياغات الرمزية تمكن الإنسان من تحرير ذاته و تحرير العالم من الغموض الذي كان يكتنفه , ليكون الإنسان هو السيد و الصانع بامتياز.

- بفضل الصياغات الرمزية تحول الإنسان من الوجود الطبيعي و من الوجود الغرائزي الحيواني إلي الوجود الثقافي , لتكون الرموز انتاجات ثقافية تفصل الإنساني على الحيواني , و هو ما تعكسه الصورة كقدرة على الإعلام و الإخبار و التحليل و الإبانة , فالصورة تتمتع بقدرة على التوثيق و استحضار الماضي على نحو دقيق , ناهيك عن قدرتها في كشف طاقات الإنسان الإبداعية في المجال الفني , و قيمتها في تحقيق تواصل إنساني يختزل كما كبيرا من الكلمات. كما يمكن أن نتبن الدور الذي تضطلع به الصورة اليوم رغم التعتيم و التشويه المتواصل الذي تتعرض إليه هذه الأخيرة كنظام رمزي, حيث نجع الإنسان في تطويعها و إخضاعها ليكشف من خلالها عديد الحقائق , كتلك التي تتعلق بالفقر و الجريمة و الاعتداءات المتكررة على إنسانية الإنسان ( الصور التي تتعلق بأحداث التعذيب في سجن أبو غريب ...). يقول دوبراي" الصورة هي التي تصنع أسطورة العصر الحديث".

( التخلص ) تبينا من خلال هذا العرض السابق لعلاقة الإنسان بالرموز , قدرة الإنسان على إبداع الرموز و إخضاعها لإرادته

و توظيفها وفقا لمتطلباته و انتظاراته , لكن ماذا يحدث حينما تتحول هذه الأدوات إلي سلطة على الإنسان , تمارس عليه شتى فنون الإخضاع و الإكراه ؟ و إلي أي حد يمكن أن نتهم الرموز ؟ ألا يكون الإنسان هو المسؤول عن توجيه وجهة الرموز التي لطالما تعلقت بغايات إنسانية ؟

اللحظة الثانية: لحظة الإثبات و هي لحظة سالبة تدق نواقيس الخطر و تعلن انزياح الرموز عن مسارها الإنساني

و تكشف عن خضوع الإنسان لها. الإنسان يخضع للرمز و لا يخضعه "

- رغم السيادة التي يمارسها الإنسان على الرموز , لكن لا يمكن أن نخفي أو نتجاهل السيادة و السلطة التي تمارسها هذه الرموز على الإنسان . فما دام هذا الأخير لا يفكر و لا يفسر و لا يتواصل و لا يتكلم و لا يبدع , إلا من خلال هذه الرموز فهو في تبعية مطلقة لها و خضوعه للرموز هو قدر محتوم حتمته عليه طبيعته الإنسانية , كطبيعة ثقافية. و هذا المشكل يبدو جليا في قول هيغل " إننا نفكر من خلال الكلمات". و على هذا الأساس لا يمكن أن نتصور الوجود الإنساني و هو وجود خال من هذه الرموز .

قد يكون هذا المستوى من الخضوع و السيادة التي تمارسها الرموز على الإنسان أمرا مقبولا و مبررا , تبرره الحاجة إلي تحقيق هذا الأخير لمنزلته الإنسانية , لكن يمكن أن نكشف عن مستوى ثان للسيادة و السلطة في غاية التخفي و الوحشية , يمثل تهديدا مباشرا لما هو إنساني في الإنسان.

حيث تحولت هذه الوسائط التي أبدعها الإنسان إلي مصدر قلق باعتبارها قد عمقت من عزلة الذات و أصبحت الذات مغتربة في هذا العالم. فالصورة اليوم أضحت تضطلع بمهمة إيديولوجية , فهي ترينا عالما يراد لنا أن نراه و تحجب ما لا يراد أن نراه. فهي تقنية التضليل و التشويه , تقنية المسخ و النسخ , حيث يمكن من خلالها إنتاج و تطويع الذوات. فالصورة في المجتمعات الاستهلاكية , ليست شيئا نراه و نكتشفه بل هي من يرانا من خلال ما تمرره لنا من أنماط وجود و صيغ حياة , بفعل ما يحكمها من استراتجيات, استراتجيات الهيمنة و الإخضاع , الاستغلال و التفقير, التشويه و التضليل. فالصورة قد نجحت في تدجين الحاسة البصرية من خلال الومضات الاشهارية, و هذا التدجين يتنزل في سياق " تعليب" الفكر أي إضفاء نوع من التماثل و القضاء على الفكر الحر و المبدع , فالصورة التي اتخذت لها وجوها ثلاث( ايروسية و طقوسية و ترهيبية ) , نجحت في اختراق اللاوعي الإنساني , و حولته إلي صورة من الصور المتحركة التي تبث على قنوات " الكبار"؟

فالصورة كواسطة إيديولوجية تمارس عنفا رمزيا , حيث حولت القتل إلي ملهاة مضحكة و الحياة إلي قيمة تافهة. يقول دوبراي" الوسيط يحول فعل الفكر إلي عامل سياسي و السلطة السياسية إلي عامل فكري ".

من التناقضات أيضا أن هوة الانقطاع تحتد يوما بعد يوم فاتيقا الحوار انعدمت و تحولت عبقرية اللغة إلى صخب ألفاظ لا ينصت فيه الواحد إلى الآخر فالكل يتكلم و لا احد يقول شيئا. أليس عجيبا أن تستنفذ اللغة مستطاعها و امتلاءها بفراغ ينتهي فيه الجميع إما إلى الصمت و إما إلى الصراع؟ لقد حدثنا الواقع الإنساني اليوم عن أعمق تمظهرات الانقطاع تتحول فيه جدلية العلاقة بين الدال و المدلول إلى جدلية جديدة داخل الحياة يذبح فيها الدال مدلوله.

تمارس الرموز عنفا , يتجاوز حدود الإخضاع , ويمكن وصفه بالعنف الأكثر تطورا و الأكثر جمالا , الأكثر ليونة و الأكثر تتصلبا, فالإخضاع أصبح ميزة الانطمة الرمزية , فهي تمارس فن صنع واقع آخر , غير الواقع الفعلي الذي يحياه البشر . فالرموز هي الحجب

و الأقنعة التي يتخفى وراءها القمع و العنف في شتى تجلياته النفسية و الروحية و الفكرية و الجسدية.

القسم النقدي*

المزايا

رغم كثرة الدعاوي التي تشهر بالأنظمة الرمزية و ترمي على عاتقها مسؤولية انحطاط الإنسان و تجرمها , و تتهمها بإخضاع الإنسان و تطويعه في شتى أبعاده , إلا أن هذه الاتهامات لا تتجاوز عتبة الادعاء و التجني , خاصة و أن الإنسان هو من أوجدها ,. ليكون واضعها هو من يمارس فنون الإخضاع بواسطتها. فرجل الدين و المثقف و الفنان و العالم و التقني ليسوا إلا مجرد أدوات لمزيد إخفاء القمع و رفع درجة إيلامه , ليتحول بذلك العنف من عنف مادي مباشر , إلي عنف محجوب يوجه إلي الفكر و الذوق و القيم باسم الرموز التي هي في حل وبريئة كل البراءة من فنون الإخضاع التي يمارسها الإنسان على أخيه الإنسان. " إن السلطة السياسية تؤثر من خلال الوسيط و السلطة الروحية أيضا"

الحدود

لم يتفطن القول إلي المنابع الحقيقة للخضوع , حيث بدا موقفا متسترا متعللا بالسلطة التي تمارسها الرموز, و هي ليست في حقيقة الأمر إلا سلطة الإنسان على الإنسان.

إن السلطة التي تمارسها الرموز ليست سلطة إخضاع , بل هي سلطة ترتقي به إلي الدرجة الإنسانية, حيث نتبين حاجة الإنسان القصوى من هذه الرموز.

صياغة الخاتمة *

إن العقل ( الإنسان ) الذي كشف عن الجليل و أكد على مدى شقاء الإنسان بدون اله , و اخضع العالم و روض ظواهره و بسط سيادة الإنسان عليه , و حوله إلي لوحة تزدان إعجازا و جمالا, و شيد فوقه مملكة الإنسان , هو نفسه العقل ( الإنسان ) الذي حول من الإنسان كائنا مغتربا مهمشا, مستعبدا هشا و جاهلا , معتمدا نفس الوسائل ( الرموز ) التي كانت بالأمس القريب وسائل تحرره و سيادته.

صياغة الإشكالية *

هل الانطمة الرمزية سلطة للإنسان أم أنها سلطة على الإنسان ؟ و إلي أي حد أخضعت الرموز الإنسان ؟

صياغة التمهيد *

- يمكن الانطلاق من خلال التأكيد على العلاقة التاريخية بين الإنسان و الرموز , التي تؤكد على القدرة الرمزية للإنسان و هو ما دفع إلي اعتبار الإنسان حيوان رامز.

- يمكن الانطلاق من المفارقة التي تؤكد من جهة على قيمة و ضرورة وجود هذه الرموز في الحياة الإنسانية و من جهة أخرى تنذر بمخاطرها على التواصل حيث تحولت إلي أدوات لإخضاع الإنسان.










.لست أنت إلا أنت ,لست أنت إلا ما صنعت....










من انجاز الأستاذ فيصل خضر – معهد مكثر – السنة الدراسية 2011 - 2012 جميع الحقوق محفوظة ®










lk hk[h. hgHsjh` tdwg oqv – lui] l;ev [ldu hgpr,r lpt,/m ®







via منتديات دريكيمو نات DRIKIMO.NET http://www.drikimo.net/showthread.php?t=11177&goto=newpost

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire