( 527 ـ 565 ) م الذي صمّمه وأنجزه المهندس ( إيزيدور ) . يقع القصر مدينة حماه بمسافة 60 كم ضمن بادية حماه . ولا يُعْرَف سبب تســــميته بهذا الاســــم إلاّ أن بعض سكان القرى المجاورة للقصر نسبته إلى أحد شيوخ قبائل الباديــــة حيث سكنه فترة منذ حوالي ثلاثة قرون وكان لشخصيته نفوذ كبير في المنطقة وكان يُعرف باسم ( ابن وردان ) واتّخــذه نُزُلاً ( فـــي الذهاب والإياب أي في فترة التشريق والتغريب المعروفة في البادية طلباً للبحــــث عن الكلأ والماء لأغنام القبيلة ) ومن عادات البدو كانت تُسمّى المواقع باســـــــم من يضع يده عليها . والمعروف عن هذه المنطقة كانت تحت نفوذ عشيرة ( العْنٍزَة ) منذ أن حلّوا بها منذ حـــوالي ثلاثةقرون
يُعتَبر هذا القصر تحفة معمارية رائعة وفريدة من نوعها لناحيتين :
الناحية الأولى : بناء جدران القصر من الطين الممزوج بماء الورد ( الورد الجوري ) بحيث كلما هطلت الأمطار أو برشّ الماء على الجدران فتنبعث روائح الورد العطرة من الجـــــدران وهذه الظاهرة ما زالت موجودة حتى الآن . حيث كان مُرَجّحاً أن تزول هذه الرائحة وأن تغسلها المطار مع توالي الزمن ومع تعرّض القصر لعوامل الطبيعة ، لكن ما حصل هو العكس حيث بقيت الرائحة العطرة ولو بشكل أقلّ من الماضي .
الناحية الثانية : هي طريقة المواد المستخدمة في البناء والمختلفة كلّياً عن المباني السورية في ذلك التاريخ حيث بُنيَ القصر من الحجر الممزوج بالآجر الأحمــــــــر وهو يُشبة طُرُز البناء للقصورالملكيةبتركيا .
يمتاز هذا القصر بأسلوب البناء الذي يسمّى بالأبلق ( أي تناوب الأحجار في صفّين ولونين مختلفين أثناء البناء ) وهذا التناوب مُنَفَّذ في أرجاء القصر وجدرانه بالإضافة أيضـــــــا غلى التناوب ما بين صفوف آجُرِّء والملاط الممزوج بالحصى والكلس وبين ثلاثة صفوف من الحجر البازلتي ، أما المداخل فهي عبارة عن قطع من الحجارة البازلتية الكبيرة وتاريخياً يُعتَبر تتويجاً للعهد البيزنطي ومن الناحية المعمارية نلاحظ الازدهار الفني والعمراني في كل أقســــــامه . حيث يتكوّن القصر من ثلاثة اقسام أو ثلاثة ابنية هي : القصرـ الكنيسة ــ الثكنـــة حيث شُيِّدَت بالحجارة البازلتية والآجر بطريقة متناوبة تسمّى ( الأبلق ) كما توجد بعض الحجارة الكلســــية حول النوافذ . القصــر : يُعتبر القصر من أجمل المنشآت الثلاث وأوسعها وأكبــــــرها ، فهو صليبي الشكل تبلغ مساحته نحو 2000 متر مربّع تتوسّطه باحة سماوية مربّعة الشكل حيث بُنيَ باسلوب الأبلق فتتناوب ثلاثة أحجار بازلتية مع الآجُّرْ الأحمر ويتألف القصر من طابقين مبنيين من الحجارة السوداء وألواح الآجر الأحمر . الطابق الأول يحتــــــــوي على صفّين من الغرف وأروقة عرضانية بالجانبين ينفذ بعضها إلى بعض ويتّصل بالأروقة صفّان آخران من الغـــرف يلتقيان بصف آخر من الشمال فيتشكّل بالتقائهما فناء كبير بشكل متصالب ويُغطي الطابق الأول سقوف ذات أقبية متقاطعة أو برميلية على شكل أنصاف قباب مفلطحة ، أما النوافذ فتعلـــوها أقواس مدبّبة الشكل التي تُعتَبر من أقدم نماذج العمارة السورية ويتوسّط الطابق الأول باحــــة تُحيط بها الغُرَف من جهاته الأربع وللقصر مدخل عبارة عن رواق يمتد إلى الشمال له سقف معقود وسقف آخر نفقي ينفتح على الباحة الداخلية وإلى الجنوب من هذا المدخل يوجد بئر ماء أثري ، اما الطباق الثاني فتختلف تقسيماته عن الطابق الأول . أما المدخل الرئيسي للقصر فيقع في الواجهة الجنوبية ، وفوف المدخل يوجد حجر بازلتي ( أسود ) عليه كتابـــــة يونانية قديمة ترجمتها : ( في شهر تشرين الثاني من الخمس عشرية الثالثة عشر من سنة 876 سلوقية ، وتشرين الثاني سنة 564 ميلادية ، الكل لجلال الله ) .
الكنيســة : يُشَبِّهُها علماء الآثار بكنيسة ( سان فيتال ) في إيطاليا التي بناها الإمبرطورالبيزنطي جوستينيان الأول ( 482 ــ 565 ) م ، كما يُشَبِّهونها بكنيسة (آجيا صوفيا في القسطنطينية ) تقع الكنيسة إلى الغرب من القصر وهي مستطيلة الشكل وكانت جدران الكنيسة مزخرفة بالفسيفساء الملوّنة ذات المكعّبات الحجرية والزجاجية والآجُريّة أما أرضيتها كانت مرصوفة بالحجـــــارة والرخام على شكل زخارف هندسية جميلة ، ويعلو مدخلها عتب بازلتي يحمل كتابــــــة يونانية تؤرِّخ البناء بعام 564 م ، كما أن مدخلها الجنوبي يحمل كتابة يونانية ترجمتها : ( هذا البـــاب صنعه الله ، وسيدخله كل الصالحين ) ، وللكنيسة جناح في الوسط يكتنفه جناحان على جانبيـه ، وينتهي المجاز في الشرق بحنية ذات مسقط نصف دائري وينفتح على سقيفة المدخل بباب ضيّق من جهة الغرب .
الثكنـــــة : معظم بناء الثكنة مخرَّب ومطمور تحت التراب ما عدا الأجــــزاء العلْوية منــــــه ، ويُستدلّ من ما تبقّى منها على أنها كانت ذات مسقط شبه مربّع يتكوَّن من باحة يتوسّطها بنــاء عالٍ ذو طابقين ، تحيط بها غرف وقاعات ، ويقع مدخل الثكنة في الجهة الشمالية ويعلوه كتابة باليونانية القديمة ترجمتها : ( بُنِيَتْ هذه الثكنة في عام 873 سلوقية في العشرين من شهر كانون الأول من الخمس عشرية في شهر تشرين الثاني عام 561 ميلادية ) .
الجدير بالذكر إن الطين المستخدم في بناء جدران االقصر مجبول بماء الورد فتنبعث روائــــــح العطر المنعش كلما هطلت الأمطـــار أو رُشَّ عليها الماء . كما يُحكى أن احــد الأطبـــاء نصح بزيارة القصـــر في موســــم الأمطار للأشخاص الذين يشعرون بالضجـــر والملل والاكتئـــاب فتساعدهم رائحة العطر المنبعثة من جدران القصر في التخفيف مما يشعرون ويعيشون لحظات من الراحة النفسية الطبيعية . ويعتبر موقع القصر من أفضل مواقــــع الباديــــة جمالاً واعتدالاً بالمناخ في مختلف فصول السنة فيستمتع زوّاره بطقس البادية وشمسها وبسبب هذه الظاهرة قام أهل البادية لا سيما السكان المجاورين للقصــــــر بنسج حكايات وأساطير ما زالت تُحكى حـتى يومنا هذا .
هذه حكاية قصر إبن وردان المجاور لأطلال مدينة ( الأندرين ) التي خلّدها الشاعر عمرو بن كلثوم ( شاعر جاهلي من زعماء تغلب توفّي نحو 584م ) في معلّقته الشهيرة مطلعها :
ألا هُبّي بصحنك فأصبحينا ****** ولا تُبقي خمر الأندرينا
6/3/2012 المهندس جورج فارس رباحية
المصـــادر والمـــــراجع :
ـــ نشرات وزارة السياحة
ـــ زيارة كاتب المقال لموقع القصر وأحاديث السكان المجاورين للقصر
ـــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
المصدر: منتديات دريكيمو نات DRIKIMO.NET
rwv hfk ,v]hk
via منتديات دريكيمو نات DRIKIMO.NET http://ift.tt/1jVWKBn
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire